الإبقاء على المادة 308 في قانون العقوبات الأردني
إنتهاك صارخ لحقوق المرأة والطفل
الدكتور هاني جهشان مستشار اول الطب الشرعي
الخبير في مواجهة العنف لدى مؤسسات الأمم المتحدة
إن زواج الجاني من الضحية كما ورد بنص المادة 308 من قانون العقوبات الأردني هو من أسوء أشكال الإفلات من العقاب، وهذا الإفلات غير مرتبط حصرا بجريمة الاغتصاب كما عرفها القانون الاردني (أي ممارسة الجنس مهبليا مع الأنثى بدون رضها) وإنما يشمل مدى واسع من الجرائم الجنسية.
تنص المادة 308 من قانون العقوبات الاردني على : "إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه. تستعيد النيابة العامة حقها في ملاحقة الدعوى العمومية وفي تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج بطلاق المرأة دون سبب مشروع." الفصل المقصود والوارد ذكره في متن المادة 308 هو الفصل الأول من الباب السابع من قانون العقوبات ويشمل الجرائم الواردة في المواد من292 إلى 307 عقوبات وهي الاغتصاب ومواقعة القاصر، هتك العرض، الخطف، الإغواء والتهتك، وخرق حرمة الأماكن الخاصة بالنساء، وفض غشاء البكارة بوعد الزواج، والتحرش والفعل المنافي للحياء.
وجود هذه المادة في القانون هو شكل من أشكال الإفلات من العقاب، وهروب من المساءلة، وبالتالي هي انتهاك صارخ لحقوق المرأة، وأيضا لحقوق الطفل حيث أنه من الممكن تطبيق المادة 308 في حال زواج الجاني من الضحايا الفتيات من عمر 15 إلى 18 إذا حصل الزواج استثنائياً بموافقة القاضي الشرعي.
تزويج الضحية للمغتصب بمرجعية المادة 308 من قانون العقوبات يشكل إنهاكا صارخا لحقوق الانسان للأسباب التالية:
1) غياب العدالة الاجتماعية: التقبل الواسع لتطبيق هذه المادة يعكس انتشار ثقافة سلبية سائدة بالمجتمع تتصف بالجهل وعدم العدالة. هناك ارتباط سلبي سائد بالمجتمع بين فقدان "عذرية المرأة" ووجود وصمة عار ومكانة المرأة المتدنية، فقد تتعرض المرأة لاتهامها بالسقوط بالرذيلة فقط بسبب عدم وضوح علامات عذريتها عند الزواج، مما يجعلها ضحية؛ تقاسي من ضغط نفسي واجتماعي غير عادل، وقد تتعرض للتحقير والنبذ وللطلاق وللأذى الجسدي والتعذيب وحتى القتل في بعض الحالات. هذا القناعة السائدة خطاءً في المجتمع بضرورة ظهور علامة العذرية عند أول أتصال جنسي قد تدفع المرأة للقبول من الشخص الذي أعتدى عليها جنسيا، حفاظا على سمعتها وتجنبا للوصمة الاجتماعية.
2) المادة 308 غير شرعية: تزويج الضحية للمغتصب مخالف للمرجعية الشرعية للزواج، باكتمال شروط القبول والإشهار.
3) المادة 308 غير دستورية لأنها تعكس عدم المساواة بين الرجل والمرأة، ولعدم تحقيقها العدالة وتوفر الظروف القانونية لإفلات المغتصب من العقاب.
4) استخدام هذه المادة هو انتهاك لحقوق المرأة لأن للعنف الجنسي عواقب وخيمة على الضحية من الناحية الجسدية والنفسية وعلى الصحية الإنجابية، وهناك مخاطر للتعرض لطيف واسع من المشاكل الصحية التناسلية والجنسية والعواقب التي تشاهد أما مباشرة أو بعد سنوات من الاعتداء، وإن العواقب النفسية قد تدوم طويلاً، ومن غير المقبول بوجود جميع هذه العواقب ان ترتبط الضحية مع الجاني طوال عمرها وهو الذي تسبب لها بكل هذه العواقب، وزواجها من المعتدي سيؤدي حتما لزيادة هذه المعاناة.
5) استخدام المادة 308 هو انتهاك لحقوق الطفل بالحماية من العنف الجنسي حيث أن تزويج المغتصب من الضحية هو اغتصاب متكرر بالإضافة لجريمة الاغتصاب التي أفلت منها. هو أيضا انتهكا لحق الطفل بالصحة والحياة لأن الزواج المبكر القصري للقاصرات له مخاطر صحية مباشرة كالإجهاض والولادة المبكرة ومضاعفات الحمل المختلفة وعواقب صحية نفسية ترافق الضحية مدى الحياة. الحكومة ملزمة بالحفاظ على هذه الحقوق بمرجعية اتفاقية حقوق الطفل.
6) استخدام المادة 308 يزيد من احتمال تعرض الضحايا بعد زواجهن للعنف الجسدي وللاستغلال الجنسي وزيادة احتمال انخراط المرأة في جرائم الدعارة والإتجار بالبشر.
مناهضة المادة 308 من قانون العقوبات الاردني ليست مجرد تعديل لنص قانوني، أنها دعوة لتحقيق العدالة الإجتماعية والحفاظ على أبسط حقوق الإنسان واحترام كرامة المرأة وهي مطلب لترسيخ ثقافة رفض العنف ورفض الإفلات من العقاب، وهذا يجب ان يترافق مع:
1) زيادة برامج التوعية المجتمعية بحقوق المرأة وتمكينها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، والتوعية بالمفاهيم الخاطئة المنتشرة حول "العذرية" من خلال المحاضرات والبرامج الإعلامية.
2) الالتزام بدعم ضحايا العنف الجنسي من النساء والفتيات في عيادات إدارة حماية الأسرة ومراكز الطب الشرعي بتوفير الدعم الطبي الوقائي باستخدام منع الحمل الاستدراكي، وتوفير الدعم النفسي والتأهيل الاجتماعي من خلال المؤسسات الحكومية والمجتمعات التطوعية، وتوعية الضحايا بحقوقهن القانونية.
3) الدعوة لمؤسسات المجتمع المدني لتوفير البيئة التي توفر الخدمات النفسية والاجتماعية والقانونية لضحايا العنف الجنسي بما في ذلك حثهم على طلب الدعم والمساعدة.
4) على مجلس النواب الالتزام بإجراء التعديلات على قانون العقوبات بحيث تعيد تعريف الجرائم الجنسية حسب المراجع المعرفية العلمية المسندة والعمل على ان تضمن هذه التعديلات حقوق الضحايا وتمنع الإفلات من العقاب بما في ذلك إلغاء المادة 308 عقوبات.



قرار اللجنة القانونية لمجلس النواب حول المادة 308...
اصبح النص بعد التعديل كما يلي:" إذا عُقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في المواد (294 / 1) و (298/ 1) و (304/1) وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة، وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه".
حيث بينت المادة (294/ 1) بعد التعديل انه "من واقع انثى (غير زوجه) اكملت الخامسة عشرة ولم تكمل الثامنة عشرة من عمرها عوقب بالاشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تقل عن سبع سنوات".
والمادة (298 / 1) على أن "كل من هتك بغير عنف او تهديد عرض ولد – ذكراً كان أو انثى- أكمل الخامسة عشرة ولم يكمل الثامنة عشرة من عمره او حمله على ارتكاب فعل هتك العرض يعاقب بالاشغال الشاقة المؤقتة مدة لا تزيد على عشر سنوات".
اما المادة (304 / 1) على ان "كل من خدع بكراً تجاوزت الثامنة عشرة من عمرها بوعد الزواج ففض بكارتها أو تسبب في حملها عوقب – اذا كان فعله لا يستوجب عقوبة اشد – بالحبس من ستة